غُربة وأوضة منسيّة …
Posted جوان 7, 2008
on:
مرّ على مسامعه … الكثير … بل الأكثر من قصائد …
بمعاني متلاطمة …
لم يجذبه … إحداها , لا بكلماتها الموزونة ولا حتى بموسيقيتها على أذن السامع … والطامع ربما …
إلا , واحدةً تذكرها اليوم … كانت تتحدث عن أطلال … ووقوف عليها …
جلس , تأمل الدخان المتراقص من حافة عمره المقبل على النهاية …
تساءلَ في غمرة التراقص , لمَ الآن؟ ولمَ الذاكرة تأبى إلا أن تعيدنا … قد مرّ عليها بضعاً من عقود …
بشعره الأبيض الثائر على الأسود , تذكر لمسات يديها على أطرافه … كم كانت معجبةً بطبيعيته …
نظر للصور , نظر للكتابات …
قبّل الصور وقبّل الكلمات …
عادت لترقص في جنبات ذاكرته … لترسل له مع الريح قبلات شهية … وهمسات مغرية … ومثيرة …
“في كل زاوية لنا ذكرى” “في الشوارع , في الحارات ” ” غرفتي , برائحتها معبقة … وتفوح من جديد”
“نسيم كلّ صباح … يأتيني بتحية “صباح الخير” , بكل حياء يهمسها “
بشريطٍ من ذكريات عاد … لعقود مضت …
لوقتِ قبل منتصف النهار بقليل … بيوم جد مشمس من أيام حزيران الحارة …
لم يشفع لبكائها … لدموعها ولا حتى لرجائها بالبقاء سويّة … فهي تخاف المضي وحيدة … تخاف الوحدة …
حاولت إنعاش ذاكرته بالحبّ … بالسنين … بالوعود …
لم يفتح فمه , حتى للهواء … خشية أن تتسرب بضع كلمات … ليقتل ما بقي من قلب … آثر الرحيل مع البقايا …
أعاد لبس الأسود على عينيه … بدأ بالطريق … لم يعاود النظر …
أراد ترك الماضي للمستقبل …
“لمَ؟” أعاده مرات ومرات … لم يعد يذكر …
“هل أستحق الحبُّ تلك الوأدة؟” “ألم يكن هناك طريقة أقل رحمة (على الأقل)؟”
“لم يعد للتساؤل من شرعية !!”
فقد وصله منذ قليل خبر ولادة ابنها الثاني … وتسميته بذات الاسم المدوّن بين أوراق الوعود …
ابتسم …
انهى آخر زر من أزرار قميصه … ترك فيروز تُنهي كلماتها …
“ليل و أوضة منسية و سلم داير مندار
عليت فينا العلية و دارت بالسهرة الدار
و العلية مشتاقة عا حب و هم جديد
فيها طاقة و الطاقة مفتوحة للتنهيد
وضوية البيوت تنوس فانوس يسهر فانوس
و انت بقلبي محروس بزهر الحرقة و النار
يا ريت الدنيي بتزغر و بتوقف الأيام
هالأوضة وحدا بتسهر و بيوت الأرض تنام”
وبذات الابتسامة غادر لعمله … في الغربة …
أنس
اترك تعليقًا