بحميميّة صباحٍ في يوم جمعة …
Posted نوفمبر 14, 2008
on:أصوات الجوار تعلو …
اطفال صغار يعلو صوتهم مع ابتعاد الكرة عن مرمى بصر أحدهم …
(صبايا) الجوار بحماس يتحدثون عن ذلك الموضوع الذي يشغل بالهنّ … وهم يقومون بحملة التنظيف …
يرافق صوتهم , أصوات كـ(طرطشة الماء) … (سحب المساحات على الأرض) …
جارنا ينادي على صغيره كي يسارع إلى محل الفول … ويذكره ب(35 ليرة حمض – 35 ليرة طحينة – لا تنسى أن تحضر القليل من المامونية والقيمق (القشطة باللهجة الحلبية) … لا بأس بعدد من الشعيبيات ولكن بالقشطة أيضاً …) … يرد الولد من بعيد … (حاضر حاضر) …
يعود الجار لإعلاء صوت فيروز …
يجلس في (البلكونة العريضة) يدخن … وينظر للسماء الزرقاء … الخالية من أي قطع بيضاء …
يدعو في السر … لسقوط المطر …
يغمض عيناه …
تعود زوجته بالقهوة … يسارع للثم فنجانه … ويستغرق مرّة أخرى بالتفكير مع التفاتة كل حين ليؤكد متابعته لحديث زوجته عن عرس البارحة … وكيف عليهم أن يزوجوا ابنهم البكر … وعليهم أن يقوموا بإبدال (الشبابيك الخشبية) بـ(أخرى من الألمنيوم) لحجب البرد القادم …
تبدأ سمفونيات الصحون المتقارعة مع المعالق …
تعلو الهمهمة القادمة من الجهة الأخرى في البيت …
يعلو النقاش مابين الابن العائد والمحمّل بنوعي الفول … والبنت الأكبر …
كيف سيضعون النوعين ومن طلب الفول (الحامض) وجانبه (المامونية الحلوة) … يرد عليها (والدي طلب …)
ينادي الأب …
تخفت الأصوات …
يعلو صوت من بعيد … يعلن اقتراب موعد الصلاة …
كلما اقترب الموعد , تعلو الأصوات والهمهمات … إلى أن تصل حدها الأعظمي مع أول كلمة (الله أكبر) …
عندها يغادر الشبّان الطاولة … ويتجهون للجامع …
وتعلو السلطة النسائية على الطاولة المستديرة … تستكمل الأم حديثها عن عرس البارحة …
والبنت الأكبر عن خطيبها الذي لا يؤدي واجباته بنظرها … والأصغر تتحدث عن دورات جديدة تحتاجها …
(لا أحد يسمع الآخر) … ولكنهم يغادرون بابتسامة …
صباح آخر … من صباحاتنا …
—
*المامونية : أكلة حلبية مشهورة , يأكلها الحلبيون كل جمعة وهي عبارة عن سميد مع السكر والسمنة العربية والقرفة …
*كل ما ورد , بعضه اسمعه الآن وليس كلّه … ولكن عادةً هذا ما يحصل …
12 تعليق إلى "بحميميّة صباحٍ في يوم جمعة …"

هي أول مرة بعرف أنك من حلب .. أقرب مدينة إلى قلبي بعد دمشق هي حلب .. بتعرف أنس لطالما تمنيت أن أسكن في حلب .. من دون أن أنسى قلبي المعلق بقلب الشام ..


وشو في أحلى من هيك 😉
تحياتي


you have drawn a very nice picture…


شكلك مطلع على أخبار الجيران منيح 🙂
جميلة هذه الخاطرة العفوية، حيث تنقل لنا الكلمات حال أناس و حياتهم اليومية.
هذا يشبه كتابة المذكرات اليومية. موفق أخي أنس.

نوفمبر 14, 2008 في 2:27 م
هههه عن جد فنان بصياغة الحوادث …
أنوسة إيمتا بدك تكتب شي رواية لمسلسل( حلبي أكيد )
انت بتكتب السناريو والحوار ، رامز المؤثرات الصوتية والموسيقا التصويرية ، ممم ما بعرف إذا بكون انا المخرج ولا عمورة …
بيطلع مسلسل ( خيلة )
موفق يا رب