بقليلٍ مِن … تستطيع …

Archive for جوان 2008

جلست وحدها هناك تريد الاختلاء بذاتها لتبدأ المحاكمة دون وجود قاض أو أي شاهد.

أُغلق الباب , سُدت النوافذ من جميع الجهات.

أُطفأ النور فسادَ ظلامٌ دامس في قاعة مظلمة محاطة بالشموع التي بدأت تشتعل واحدة تلو الأخرى , ستائر سوداء تمنع تسلل أي خيط من خيوط الشمس.

أُضيئت الشموع في القاعة التي كانت موجهة لنصفها المليء بالحياة فقط.

فالنار كانت تتراقص علواً وهبوطاً مرافقةً كل تنهيدة , تتلو الأسئلة الموجهة اليها.

طرحت الأسئلة بشيء من الغرابة لم أجد عندها أي جواب

التردد يملأ عينيها ترتعش بقوة تذرف الدموع دون أي تردد أمسكت بيدها بقسوة ثم بدأت بالصراخ
لم تفعلين هكذا؟ ان كنتي تعلمين بأنكِ لا تستطيعين المواجهة!
قفي أمسكي بيد الحياة لتخرجي من هذا الظلام.
فقد أخبروني بأنه يوجد في الضفة الأخرى حياة مليئة بالسعادة والحب.
اذهبي الى هناك ستجدينه ينتظرك بشوق سيمنحكِ ما كنتِ تحلمين فيه دائماً.
اذهبي دون تردد دعيني هنا وحدي فهذا المكان ليس لكِ فهو لي ولي وحدي.
أنتي مليئة بالحياة فلماذا تسمحين لهذا الجزء الحزين والمظلم منكِ بأن يسيطر عليكي .
ويسيركِ ليحكم عليكي بحياة ملؤها الحزن.

هيا فلتبدأي من جديد.


رشا

الأوسمة: , ,

جلست ترقب تكوّن قطرة العرق , تتسلل مابين التجاعيد … تصل لحافة الذقن …

تترك ذلك الوجه المكتسي بأخاديد زمان لم يرحم …

تستقر على قطعة من ورق …

تلا صوت سقوط القطرة , صوت تنهيدة وصوت مسح بطرف قميص شبه مهترء أثر القطرة …

الورقة تكتلت من آثار القطرات المتساقطة …


بعد جهدٍ , استطاعت دمعة أن تحرر نفسها من قضبان اليأس , أعلنت أن الروح ما تزال تعيش … والأمل ما زال ينبض …


ختمت الورقة بعبارات الأشواق وتمنيات العودة …

وقطع حبل الغربة …

الاماكن كلها تشتاق لضحكته , لسخريته , له …


طوت الورقة بكل ترتيب …

وضعتها في مغلف رسالة … كتبت آخر عنوان عرفته منه منذ – لم تعد تذكر – ربما منذ أن تركهم …


أوصت ابنتها , بألّا تنسى وضع الرسالة في البريد … أومأت برأسها …

تركت ذات الوجه الجعد الصالة … لتعيد ترتيب الرسائل العائدة مع عدم الرد … كلها …

بصوت خفيض … ترتّل :

بعدك على بالي … يا حلو يا مغروم … يا حبق ومنتوف على سطح العالي …

مرق الصيف بمواعيدو … والهوا لملم على ايدو …

ولاعرفنا خبر عنك يا قمر … ولا حدا لوحلنا بأيدو …

وبتطل الليالي وبتروح الليالي … وبعدك على بالي …

أنس


خضراء العينين , جلست على طرف الحديقة …

ترسل يداها ما بين خصلات شعرها …

يتموّج الأسود , يلمع الأسود …

ينعكس لمعانه على لمعة عيناي …

تعاودُ بدلالِ رفع رأسها … تنظر إلي , تبعد النظر ويكتسيها الخجل , حمراء الوجنتين أصبحت …

على مسامعها , كل كلمات من قلبٍ … أغمرها , تغمر قلبي … تحرك مشاعره كيفما تشاء … تقلب ملذاته …

بلمسة يد … تجعل الدنيا تنحني …

تختال بمشيتها … تتراقص الزهور على طرفي طريقها …

زنبقٌ ينحني , جوريٌ يبتسم … وياسمينة من فرط انفعالها تترك مكانها لتقبّل الأرض التي مشت عليها … خضراء العينين …

بطرفها تترك الماء ينساب … يلمع … يتلألأ …

صوت تساقطه ينافس ترانيم الصباح في جنة الأرض …


يشارك الماء , دموعٌ , دموعها … بلون شفاف , لا بل أزرق …

اقتربت , “مالكِ أيتها الأميرة ؟ دعينا نكمل سرقة لحظاتنا من بلاط الملك …”

برقة حاولت مسح الكحل المنساب من طرفي عينيها , تناثر الكحل على الوجنتين , على اليدين …

لم تتوقف الدموع … بلغة الصمت , أبلغتني شوقها … وبدموعها أوصلت آلامها …


أعلن صياح الملك لابنته انتهاء الوقت المسروق , وقبل أن تنهي الأميرة التفاتتها كنت قد غبت في تمايل الأشجار التي تكاتفت لتساعدني …

في انتظار لحظات برسم السرقة …

أنس

برجفةٍ تعلو أصابعه …

هزّني …

نظرتْ … أشار بيدهِ إلى أذني , قائلاً “عمّو , في شي بأذنك … أسود ! “

ابتسمت , رددت ” هذه سمّاعة , عمّو … “

“شو بتسمع عمّو , راديو؟”

بتفكير قليل , إن أردت شرح الMP3 وعمله وو… لن أنتهي , فاكتفيت بهزّ رأسي …

بعد فترة ليست بالقليلة , عاودَ هزّي … بنظرة من تحت النظارة , “شو عمّو؟”

سألني “وين بنلاقي الألياف ؟الألياف مفيدة , ما؟”

بنظرة شبه متعجبة من السؤال وزمنه “كلّ الفواكه عمو , بتفيد كتير “

عاود الصمت بيننا …

أنا استمع لمسرحية رحبانية فيروزية , والتفاصيل تأخذني …

عاود الهزّ للمرة الثالثة … بلهجة أبديت بها انزعاجي , “خير عمّو !!!”

“والله هالباصات كتير مناح , الله يعطيهون العافية , أنو جابوهون “

“اي والله , الله يعطيهون العافية “

عندما فقد كل أملٍ من امكانية التواصل ما بيننا , انتقل للشخص المقابل , وكان أحد العمّال العائدين من عملهم في إحدى الأبنية الجديدة , مكسوٌ بذرات بيضاء مردّها لطبيعة عمله , واضعاً وجهه في يده ومسنداً يده للمسند الجانبي ومستسلماً لملكوت النوم والتعب …

هزّه بطريقة عنيفة …

“ابني , حطّلك شي شغلة على راسك , عقال – شماغ , مشان تحمي حالك من الشمس ومن الغبرة كمان “

بنظرات نصف مفتوحة والنعاس يتساقط من الأطراف , “كنت حطّ بالشتي , هلأ ما بحط”

“والله مفيدة , بتحطها على وجهك , بتحمي من الغبرة , قاللي دكتور الصدرية , كل مشاكل الصدر من الغبرة “

“حاضر , رح حطّ وحدة “

عندها …

هزّنا نحن الاثنين , وهزّ كيساً يحوي القليل من الحليب …

“شو رح أعمل بهل الحليب؟” ” يا لهذا الجيل , ابن أخي , ما قال أنه مسافر ” ” قضيت النهار كلّه على الطريق على أمل رؤيتهِ “” “لم يقل أنه مسافر ” “سأبيع الحليب” ” بعد الشهادة الجامعية يترفعون عن أعمامهم المو دارسين” ” الله يهديه “

أحسست عندها بمقدار حجمي أمامه …

الرجل العجوز … أحسّ بمقدار إهمال كبير وكبير جداً …

لم يراعوا كبر سنّه , أراد السؤال عن ابن أخ , ولكن ابن الأخ لم يسأل عنه …

يالشبهي به … فعلت ما فعل …

لم اعط العجوز اهتماماً , حاول وحاول , لم يلق مني إلا صدّاً …

أفقت من عذاب وتأنيب ضميري بابتسامته التي تعلو لحيته البيضاء … مقدماً لي قطعةً من السكاكر , وموزعاً قطعاً أخرى للموجودين حولنا …

موقفي , لم ولن أحسد عليه … بقية عمري …

أتساءل , أسأقدم قطعة السكاكر للشاب الذي سيجلس جانبي بعد عقود في ذات الموقف ؟


أنس


للإنسان الذي يمرّ من هنا … عبقك … يبقى …

الصفحات

انستغراميات ..

لم يتم العثور على صور على إنستغرام.

مرّ من هنا

  • 59٬883 إنسان ...

في ذمّة التاريخ … ستلحظ …

جوان 2008
د ن ث ع خ ج س
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930